آداب الجلوس في ( الشق ) عند البدو الضيف وحقوقه على ( المعزّب )





البيت: هو المكان الذي يأوي إليه صاحبه بعد عناء العمل, وهو رمز 
لوحدة الأسرة واستقرارها, وكان لنوع الحياة وطبيعتها التي يعيشها الإنسان الأثر الأكبر في تحديد نوع المنزل الذي يسكنه.
فالبدوي مثلاً كان يسكن في الخيمة وذلك بحكم كثرة الترحال والرعي الدائم. أما الإنسان المستقر فيبني بيته من الحجارة والإسمنت بحكم استقراره في منطقة معينة.‏
وفي حديثنا سنتناول بيت البدوي ونتحدث عنه بالتفصيل : الخيمة أو (الشق):‏
وتسمى (بيت الشعر) أيضاً, وهي هيكل طويل يتألف من عدة أقسام, وتبقى واجهته مفتوحة, ودائماً باتجاه الشرق, وهو المجلس الذي يلتقي فيه رجال العشيرة وشيوخها, وهو مكان استقبال الضيف وتقديم القهوة, وهو المنتدى لكل رجل يلتزم بآدابه, وبه يسمع الشعر وتدار به أخبار البادية وأحاديثها.‏
تصنع الخيمة من صوف الأغنام ووبر الجمال, وفي العادة تكون المرأة هي المكلفة بصناعته, وصناعة البيت لها عدة مراحل تبدأ على الشكل التالي:‏
ـ إعداد الصوف بعد غسله ثم تلوينه بألوان سبق وأن أعدتها المرأة من الأعشاب, وتكون بألوان الربيع الزاهية المشرقة.‏
ـ مرحلة غزل الصوف وتحويله إلى خيوط تتحكم في سماكتها حسب الطلب ويتحول الصوف إلى (طبب ) أي على شكل كرة, والغزل هو تسلية المرأة في وقت فراغها حيث تجلس للحديث مع رفيقاتها.‏
ـ النسج: حيث تقوم المرأة بالنسج على نول أرضي تعده لهذه الغاية وتقوم بنسج قطع طويلة تزينها بالحواشي والألوان, وبعد أن تنتهي من إعداد قطعها تقوم بواسطة خيوط الصوف و(الميبرة) وهي إبرة كبيرة منحنية, ويبدأ عمل الرجل حيث ينتهي عمل المرأة.‏
فيقوم هو بإكمال بناء البيت, وذلك بتثبيت الواسط أي عمود البيت والأعمدة الأخرى, ويقوم (الشق) على ثلاثة أعمدة كبيرة, ثم يعد الحبال والأوتاد ويدقها حول ( الشق) ويثبت الخيمة بها بواسطة الحبال.‏
أقسام الشق:‏
أحياناً يكون الشق خيمة كبيرة خاصة بالشيخ, وأحياناً يكون الشق مبنى واسعاً خاصاً للضيافة له أقسام عديدة قد تكون قسمين, وفي أغلب الأحيان ثلاثة وهي:‏
1ـ المجلس : وهو مكان الجلوس, والضيافة أمامه (نقرة النار ), وتفرش أرضه بالسجاد المصنوع من نوعية الخيمة, ثم يمد المحشو بصوف الأغنام وتحيط به المساند.‏
2ـ المحرم: وهو مكان إقامة الحريم ويوضع الفراش في موضع أعلى من الأرضية ويفصله عن المجلس حاجز من النسيج نفسه, والمرأة تستطيع أن ترى وتسمع ما يحدث في الشق إذا رغبت, ولكن عليها بالحذر من البوح بأسرار الجلسات ويحرم على القادم إلى المجلس القدوم من ناحية المحرم بل من واجهة المجلس.‏
المطبخ : وهو مكان إعداد الطعام وتخزينه, وأحياناً تكون خيمة الطعام منفصلة إذا كان صاحب الشق شيخاً, أو كبيراً في قومه, ومع بداية الاستقرار في القرى تحول البدوي إلى بناء البيوت من الطين, ولاينصب الشق إلا في المناسبات, أو للضيافة فقط.‏
وعادة يجلس كبير القوم أو شيخهم في صدر( الشق) ويجلس حوله الأهل كل حسب مكانته في القبيلة, وحين حضور الضيوف فإن الأهل يبتعدون لإخلاء الصدارة للضيف ويجلسون في الأطراف, وأمام الشق توجد نقرة النار حيث تصنع القهوة‏
وتشعل النار دائماً ـ وخاصة في الليل ـ وذلك ليستدل الضيف أو المسافر بها والبدوي دائماً مستعد لاستقبال الأغراب في (الشق).‏
آداب المجلس:‏
لمجلس البدوي, ولحضور المنتدى والاشتراك في جلسات الشق شروط يجب أن تكتمل في كل من يرى نفسه أهلاً لذلك المجلس, ولهذا المجلس آداب يجب الالتزام بها وهي قوانين غير مكتوبة بل تحفظ.‏
تربي الأم ولدها صغيراً وتنشئه على احترام هذه القوانين في آداب المجلس فمن يذهب إلى المجلس عليه أن يكون فارساً أو شاعراً أو عازفاً للربابة أو محدثاً لبقاً أو مستمعاً جيداً.‏
لا يجوز الحديث لأحد إلا في دوره, أما من يذهب للاستماع فقط فله أطراف المجلس, وتمتد السهرة في المجلس ما بين حديث وبحث في أمور القبيلة ومشاورة في قضاياها, ثم ينتقل الحديث إلى أخبار البادية وأخبار التجارة.‏
ثم يبدأ العزف على الربابة, ويستمع إلى الشاعر والقهوة تدور على الحضور.‏
وفي بعض الأحيان وحيث يكون الشاعر في ضيافة الشيخ فإن النساء تأتي إلى المحرم لتستمع وتستمتع بالأمسية.‏
الضيافة عند البدوي:‏
الحفاوة بالضيف واجب على البدوي, فإكرام الضيف من خصاله, وهو يقدم لضيفه خير زاده. والضيف عزيز وغالٍ ( يفدى بالمال والعيال) والضيف عند البدوي إذا أقبل أمير, وإذا جلس أسير, وإذا أقام وزير, وإذا ابتعد شاعر.‏
والبدوي يسعى إلى إسعاد ضيفه والترفيه عنه بالترحيب وبالبشاشة والسماحة.‏


شاركه على جوجل بلس

عن Unknown

    تعليقات بلوجر
    تعليقات فيسبوك

0 التعليقات:

إرسال تعليق